تمكين المجتمعات والنظم البيئية من أجل الحفاظ على غابات المانغروف وإدارتها على نحو مستدام
اليوم الدولي لصون النظام الإيكولوجي لغابات المانغروف
تعد غابات المانغروف الساحلية في المملكة العربية السعودية موطنًا لنوعين أساسيين من الأشجار وهما؛ قندل مؤنف (الريزوفورا موكروناتا) وقرم بحري (أفيسينيا مارينا)، وتعتبر هذه الغابات من أغنى النظم البيئية تنوعًا وأكثرها إنتاجية، حيث توفر خدمات أساسية لدعم النظم الإيكولوجية. وتكمن أهمية غابات المانغروف في المملكة في كونها مخزناً للكربون مما يجعلها غنية به، كما أنها تلعب دورًا في التخفيف من آثار تغير المناخ، وتُعد مصدرًا للتنوع البيولوجي والحياة البحرية، وملاذاً لعدد لا حصر له من الطيور المائية والأسماك، بما في ذلك الروبيان ذي القيمة التجارية، حيث تُعد موطنًا لتكاثر العديد من الأصناف السمكية.
التهديدات التي تواجهها غابات المانغروف والموائل الساحلية في المملكة
تلعب غابات المانغروف دورًا محوريًا في السلسلة الغذائية والأمن الغذائي وسبل عيش العديد من الصيادين والأسر الريفية. ورغم ذلك، تواجه غابات المانغروف تهديدات متعددة مثل رعي الإبل وقطع الأشجار والتلوث الناجم عن النفايات الصلبة ومياه الصرف الصحي، فضلاً عمَّا تشهده الموائل الساحلية من تغييرات طبيعية. وقد أبرز تقرير صادر عن الهيئة الإقليمية للمحافظة على بيئة البحر الأحمر وخليج عدن/ مرفق البيئة العالمية في عام 2004 أن هذه التهديدات سببها بعض الأنشطة المحلية وكذلك التنمية غير المنضبطة في المناطق الساحلية، وبعض أشكال التلوث بالمناطق الساحلية والبحرية والممارسات غير المستدامة وتأثيرات الشحن البحري وأخيرًا الاضطرابات المرتبطة بالتغيرات المناخية.
وكشف التقرير أن تدهور الأراضي الرطبة وأشجار المانغروف والشعاب المرجانية ومروج الأعشاب البحرية يرتبط بعوامل مختلفة من بينها التجريف والردم المفرط للمناطق الساحلية لأغراض صناعية وسكنية ولوجستية، حيث تمثل 70% من التدهور الذي يصيب غابات المانغروف، في ين يسهم الرعي الجائر بنسبة 20%، بينما يمثل زحف الرمال 5%. أما النسبة المتبقية البالغة 5% فترجع إلى التسربات النفطية والتلوث ومياه الصرف الصحي الملوثة.
الحملة الوطنية للتوعية باليوم الدولي لصون النظام الإيكولوجي لغابات المانغروف
صرح الدكتور أحمد المنسي من الإدارة العامة للغابات بالمركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر بالرياض قائلاً: "إن التصدي لتدهور الأراضي الرطبة وأشجار المانغروف والشعاب المرجانية والأعشاب البحرية يتطلب اهتمامًا فوريًا من المركز واتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من التهديدات الناجمة عن الأنشطة البشرية". هذا، وقد تم تخصيص جناح للتوعية بأهمية أشجار المانغروف وذلك بالتزامن مع الاحتفال باليوم الدولي لصون النظام الإيكولوجي لأشجار المانغروف، كما تم تنظيم جناح التوعية في مواقع أخرى مثل الدمام (المنطقة الشرقية) وجازان وعسير وجدة.
وتابع الدكتور أحمد المنسي، مشيدًا بما حققه المركز قائلاً: "يعمل المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر بنشاط على زراعة أشجار المانغروف منذ عام 2020، محققًا في ذلك نجاحًا كبيرًا. هذا، وقد تمكن المركز من زراعة ومتابعة نمور أكثر من 37 مليون شتلة على طول سواحل البحر الأحمر والخليج العربي وذلك بالتعاون مع العديد من الشركاء والأطراف المعنية مثل شركة أرامكو وشركة التعدين العربية السعودية (معادن)، وشركة البحر الأحمر الدولية، وعدد من المجتمعات المحلية." وأضاف الدكتور أحمد المنسي قائلًا: "تستهدف رؤية المملكة 2030 زراعة 100 مليون شجرة مانغروف، مما يسهم في صحة النظام البيئي البحري والحفاظ على الكربون الأزرق."
إنتاج عسل المانغروف وفوائده للمجتمع
أوضح عبدلله الوتيد، من المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، خلال حملة توعية لنشر أهمية أشجار المانغروف ودورها الحيوي في الحفاظ على التوازن البيئي والتنوع البيولوجي، قائلًا: "تم إنتاج 6 أطنان من عسل المانغروف في عام 2023، وتسهم زراعة أشجار المانغروف في زيادة الدخل ساكني المناطق الساحلية وكذلك تحسين النظام البيئي البحري."
التعاون بين منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة والمركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر من أجل الإدارة المستدامة لغابات المانغروف
خلال تغطيتنا لأهمية أشجار المانغروف بالمملكة العربية السعودية، صرح الدكتور رئيس خان، خبير الغابات ضمن برنامج التعاون الفني بين وزارة البيئة ومنظمة الأغذية والزراعة بالمملكة العربية السعودية، قائلًا: "تم إنشاء نظام شامل ومستدام بالتعاون مع المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر من خلال دمج التكنولوجيا المبتكرة ومبادرات بناء القدرات للمجتمعات والمؤسسات المحلية." وأضاف "سيعمل فريقنا بالتعاون مع المختصين من المركز على وضع خطط إدارة لقضايا محددة، وإجراء تقييم للوضع الحالي للغابات، وتحديد أسباب تدهورها، ووضع توصيات بأفضل الممارسات والتقنيات المناسبة لإعادة تأهيلها، والتخفيف من آثار تغير المناخ وتعزيز سبل العيش وتحقيق المرونة الساحلية وصون التنوع البيولوجي." وأكد الدكتور رئيس خان على أن العمل المشترك بين الوزارة المنظمة سيستند إلى الخبرة العالمية الواسعة للمنظمة والاستفادة منها في إدارة غابات المانغروف وأنشطة التشجير لتعزيز صون النظم البيئية للمانغروف وتنميتها وحمايتها من أجل مستقبل أكثر خضرة في المملكة العربية السعودية.