تعرّفوا على شباب وشابات سعوديين من روّاد الأعمال الاجتماعية الذين يساهمون في تحقيق أهداف التنمية المستدامة ورؤية المملكة العربية السعودية 2030
عاماً بعد عام، يشتدّ أثر تغيُّر المناخ ويتزايد عدد الشباب والشابات السعوديين الذين ينضمّون إلى الجهود المبذولة لإحداث تغيير إيجابي.
وانطلاقاً من شغف هؤلاء الشباب والشابات بالبيئة المحيطة بهم، وجّهوا روح المبادرة لديهم نحو التغيير والتوعية وتحفيز الآخرين على العمل!
التقت منظمة الأمم المتحدة في المملكة العربية السعودية بشباب وشابات سعوديين من رواد الأعمال للتعرّف على مبادراتهم وكيفية مساهمتهم في قضايا الاستدامة والعمل المناخي. وقد شارك هؤلاء الشباب والشابات تجاربهم وشجّعوا الآخرين على العمل لبناء عالمٍ نقي وسعيد ومستدام!
علي باخلقي، رائد أعمال اجتماعية ومؤسّس شركة تدويم في جدة، المملكة العربية السعودية
علي هو رائد أعمال سعودي من مدينة جدة، يتميز بشغفه بالأعمال والبيئة. ويتمتّع بخبرة متنوعة مع خلفية في إدارة سلسلة الإمداد والبيع بالتجزئة والتجارة الإلكترونية في منظمات وطنية ودولية. لاحظ علي، من خلال البحوث التي أجراها، نقصاً في نماذج الأعمال المتخصّصة في سوق الملابس المستعملة في المملكة العربية السعودية، مما ألهمه لإنشاء شركة "تدويم".
وهو يطمح إلى أن تصبح شركته رائدةً في نماذج الأعمال المتخصّصة في إعادة التدوير والأزياء المستدامة وإدارة النفايات في المملكة. ويأمل أن تكون مصدرَ إلهام للشركات الأخرى الصديقة للبيئة في مجال إدارة النفايات وإعادة تدويرها في المملكة وأن تساعد في تسريع جهود المملكة نحو تحقيق الاستدامة البيئية والاقتصاد الأخضر.
هل يمكنك أن تخبرنا عن مشروعك وعن أسباب وكيفية إطلاقه؟
"تدويم" هي شركة استثمارات اجتماعية في مجال إعادة التدوير، تسهم في دعم البيئة من خلال مفهوم الاقتصاد الدائري.
وقد نشأ مفهوم "تدويم" ليُحدِث تأثيراً على الصعيد الاجتماعي لأنه يهدف إلى إطلاق مفهوم الموضة المستدامة في المملكة العربية السعودية وتشجيع السعوديين والسعوديات على اعتماد ممارسات سلوكية مستدامة في حياتهم اليومية. والسبب الرئيسي لتأسيس شركة "تدويم" هو الإقرار بدورها ليس في تطوير المجتمع فحسب بل في إثراء البيئة والنظام البيئي في المملكة العربية السعودية والعالم أجمع.
يرتكز عمل الشركة على استخدام الفائض من الملابس حيث نقوم بتجميع الملابس المستعملة وفرزها وتنظيفها وتعقيمها ليتم استخدامها مجدداً، ثمّ نعيد بيعها في المنصات والمعارض المناسبة. ونقوم أيضاً بإعادة تدوير النفايات وتحويلها إلى مواد أوّلية موجّهة للاستخدام المحلي.
وفي المراحل المقبلة، سيتوسّع نطاق الشركة لتصبح نموذجاً لإدارة النفايات وإنتاج الأزياء المستدامة وإعادة التدوير من أجل تحقيق مفهوم الاقتصاد الدائري.
يتألف اسم "تدويم" من كلمتين، هما "تدوير" التي تعني إعادة التدوير، و"تدويم" التي تعني الاستدامة.
ما الذي تأملون تحقيقه في المستقبل من خلال شركة تدويم، وكيف يمكن أن تضيف هذه الشركة إلى الجهود البيئية المبذولة في المملكة العربية السعودية؟
نطمح في شركة تدويم إلى أن نصبح روّاداً في نماذج الأعمال المتخصّصة في إعادة التدوير وإنتاج الأزياء المستدامة وإدارة النفايات في المملكة، وإلى إلهام الشركات الأخرى الصديقة للبيئة في تلك المجالات، ودعم تحقيق الاستدامة البيئية.
كيف تدعم "تدويم" الاستدامة البيئية وتسهم في تحقيق الأهداف العالمية؟
تسهم "تدويم" في تحقيق أهداف التنمية المستدامة التالية:
ما هي النصيحة التي تسديها لروّاد الأعمال الاجتماعية لتحقيق نجاح دائم ومؤثّر؟
أنصحهم بالتعمّق في القضايا والتحديات المجتمعية، والتحلّي بعقلية موجّهة نحو الحلول والابتكار!
وأنصحهم أيضاً باغتنام الفرص المتمثّلة في الموارد المحلية والدعم الحكومي.
محمد الخالد، مؤسّس شركة نباتك في الظهران، المملكة العربية السعودية
يأتي محمد من خلفية الهندسة الميكانيكية. وقد أسّس الشركة الناشئة "نباتك" في عام 2019 بهدف تمكين الأفراد والشركات من زراعة الأشجار بكلفة معقولة. يؤمن محمد بالحلول المبتكرة للتحديات العالمية، ولهذا السبب أسّس هذه الشركة مركّزاً على الاستفادة من أحدث الاتجاهات التكنولوجية. تم ترشيح محمد، كقائد شاب، كمرشح نهائي لجائزة أبطال الأرض الشباب من قبل برنامج البيئة للأمم المتحدة، وهو أعلى تكريم بيئي للشباب وذلك لمساهمته في دمج التكنولوجيا مع الحلول المستندة إلى الطبيعة للحد من الانبعاثات الكربونية كوسيلة لمكافحة تغير المناخ.
هل يمكنك أن تخبرنا عن مشروعك وعن أسباب وكيفية إطلاقه؟
نباتك هي أول شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا المتعلقة بالمناخ في المملكة العربية السعودية. وهي توفّر حلولاً قائمة على الطبيعة في المملكة لمكافحة تغيُّر المناخ من خلال المحافظة على الغابات وزراعة الأشجار في المناطق الحضرية. وما يميّزنا هو أننا طوّرنا نموذج عمل فريد من نوعه أدّى إلى تقليل كلفة زراعة الأشجار لتحفيز الشركات على زراعة الأشجار بالتعاون معنا، والمساهمة في مبادرة السعودية الخضراء التي تهدف إلى غرس 10 مليارات شجرة في المملكة العربية السعودية.
بدأ عشقي لزراعة الأشجار في سنّ الطفولة. ففي السابعة من عمري، اصْطَحَبني والدي إلى أرضٍ قاحلة كانت جزءاً من منطقة سكنية جديدة، وسلّمني مجرفةً ونبتة مغروسة في وعاء وقارورة ماء. ساعدَني في نبش حفرةٍ في التراب ثم غرسْتُ بعنايةٍ النبتة في تربتها الجديدة، وكَسَوْتُها بالتراب وتناوَبْنا على سقيها. غمرني إحساسٌ بالإنجاز والأمل. قال لي والدي إنه علينا مغادرة المكان مع أنني لم أكن قد انتهيتُ من تأمّل نبتتي الصغيرة. فطمأنني قائلاً: "لا تقلق بشأنها، سيسقيها العمال هنا ويعتنون بها". وذهبنا. شيئاً فشيئاً، أقلعتُ عن التفكير بنبتتي مع أنّ هذا الأمر استغرق مني بعض الوقت.
بعد عشرين عاماً، مرَرْتُ بمنطقةٍ بَدَت مألوفةً لي. فأوقفْتُ سيارتي وسِرْتُ نحو الأرض القاحلة نفسها. كانت خالية مثل الصورة المطبوعة في ذاكرتي... واصَلْتُ المشي إلى أن عثرْتُ على شجرة قائمة بذاتها. وما إن نظرتُ عالياً حتى فُتِنْتُ بشجرة رائعة وشامخة أمامي، تمتدّ أغصانها المورقة الخضراء وتحتضنني بظلالها.
فقلْتُ في نفسي: "هذه شجرتي". غمرني أفضل شعور في العالم.
وتعهّدْتُ في ذلك اليوم بالمساعدة في غرس مليون شجرة بحلول عام 2023 لدعم "مبادرة السعودية الخضراء" من خلال إشراك المجتمعات على نحو مبتكر.
كيف تسهم "نباتك" في الاستدامة البيئية؟
تُعَدّ زراعة ملايين الأشجار في الظروف المناخية القاسية لشبه الجزيرة العربية تحدياً كبيراً بسبب الموارد المائية المحدودة ودرجات الحرارة القصوى وطبيعة التربة. ولا بد من بذل جهود هائلة لغرس هذا العدد الكبير من الأشجار والحفاظ عليها. لذلك، أدركنا أنه ينبغي الاعتماد على حسن نوايا الناس وعلى القوة التي تختزنها أحدث التقنيات من أجل التغلّب على ذلك التحدي.
نشدّد في شركة نباتك على أهمية المسؤولية الاجتماعية، ولا سيما على مستوى الشركات. فالاستثمار في المسؤولية الاجتماعية للشركات هو مصدرٌ رئيسي لتمويل مبادرة التحريج. ونحن نمكّن الشركات الكبرى من تعويض انبعاثاتها الكربونية في المنطقة بزراعة أشجار عبر منصتنا. وفائدة استخدام المنصة التي أنشأناها هي أنها تتيح للشركات مراقبة وتتبّع ما اتخذته من إجراءات لأنها تضمن رصد كل شجرة مغروسة.
وتسهم "نباتك" في تحقيق أهداف التنمية المستدامة التالية:
برأيك، لماذا تُعتبَر ريادة الأعمال الاجتماعية مهمةً لأهداف التنمية المستدامة؟
لا ينبغي أن ننظر إلى نوعية حياتنا كأنها أمرٌ مسلَّم به. فالأجيال المقبلة قد لا تحظى بالامتيازات نفسها التي نتمتع بها اليوم. ومن مسؤوليتنا أن ننقل كوكباً أفضل لأبنائنا وأحفادنا. ويبدأ ذلك بإعطاء الأولوية لبيئتنا ومجتمعنا بدلاً من أرباحنا، وهذه هي ريادة الأعمال الاجتماعية. هذا لا يعني أنه لا ينبغي إنشاء مشاريع تجارية مربحة، بل يعني أن الأعمال المربحة المفيدة للبيئة والجذّابة من الناحية الاجتماعية هي أعمال أكثر استدامة.
ما هي النصيحة التي تسديها لروّاد الأعمال الاجتماعية لتحقيق نجاح دائم ومؤثّر؟
"إزرع خيراً تحصد خيراً". عندما تنظر إلى التحديات العالمية، كأهداف التنمية المستدامة على سبيل المثال، تجد الكثير من الفرص. وكلُّ تحدٍّ يدعوك إلى إيجاد حل. وهذه الحلول لن تغيّر حياة الناس وتحمي الكوكب فحسب، بل يمكن أن تكون مشروعاً مدرّاً للأرباح.
إيمان الحجي، مؤسسة ورئيسة مجموعة الشباب السعودي من أجل الاستدامة في ثول، المملكة العربية السعودية
إيمان هي طالبة دكتوراه تبحث في ابتكار مواد نانوية كربونية لتخزين الطاقة في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية. لديها شغف بقضايا الاستدامة وتؤمن بأنّ تمكين الآخرين من العمل هو أفضل إجراء لتحقيق الاستدامة.
هل يمكنكِ أن تخبرينا عن مشروعكِ وعن أسباب وكيفية إطلاقه؟
مجموعة الشباب السعودي من أجل الاستدامة هي منظمة وطنية يقودها شباب وشابات، تهدف إلى تمكين القادة الشباب وإقامة الروابط في ما بينهم لدفع التغيير الإيجابي نحو مستقبل مستدام في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية.
عندما كنتُ أتابع دراساتي العليا في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، تسنّى لي في خريف عام 2019 أن أختار بعض المقررات الدراسية. فاخترْتُ مقرر الهندسة المستدامة الذي يدرّسه الأستاذ ماني ساراثي، ومقرر الطاقة والبيئة الذي يدرّسه الأستاذ تاد باتزيك. وقد جعلني هذان المقرران أدرك الواقع الملحّ في العالم. فحثّني دافعٌ منطقي وعاطفي على العمل، واتّقدَتْ جميع حواسي الذهنية والعاطفية. وكان أملي الوحيد تحقيق خير الإنسانية، وكانت رغبتي الوحيدة تمكين الآخرين من العمل والتعاون.
عندما نظّمت الدكتورة آنا مارغريدا، رئيسة قسم الاستدامة في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، حلقات نقاش عن الاستدامة في تشرين الثاني/نوفمبر 2019، شعرتُ أن باباً قد فُتح للتوقف عن التذمُّر والبدء بالتغيير. وحالفني الحظّ في مقابلة أشخاص آخرين يحرّكهم الشغف والحماس، فأنشأنا معاً منصة لدفع التأثير الإيجابي. وكنّا مجموعة متنوعة يربطنا الاحترام والشفافية والدينامية والانفتاح. وهكذا نشأت أول منظمة للاستدامة وكنتُ الرئيسة المؤسّسة لها.
وعلى الرغم مما عانيناه بسبب الجائحة طوال عام 2020، أظهرنا قدرةً على الصمود بفضل الجهود التي بذلناها معاً. وكنّا المنظمة الطلابية الأكثر نشاطاً في الحرم الجامعي. فقد نظّمنا العديد من المشاريع منها سلسلة ندوات عن الاستدامة، وجولات في الحرم الجامعي، وأسابيع مخصّصة لزيادة الوعي، وأمسيات لعرض أفلام عن الاستدامة، وتحدي السلوكيات الخاصة بالاستدامة، والاحتفال بيوم الأرض، ومشروع المنتدى الجامعي العالمي للمناخ. وشاركنا في منظمات محلية ودولية. وبدا لي أن جميع القوى قد اجتمعت لإنشاء هذه المنظمة الطلابية المميّزة.
وكنا نطمح إلى نقل هذا الزخم الشبابي إلى جامعات أخرى. والهدف من إنشاء مجموعتنا هو التواصل مع الشباب والشابات الآخرين ممّن يصنعون التغيير في المملكة العربية السعودية من أجل وضع نُهُج جديدة من شأنها معالجة القضايا الحاسمة والملحّة وتأسيس شبكة جامعة لنا. نريد إيصال صوتنا إلى واضعي السياسات لتحقيق التنمية المستدامة التي تطالب بها الأجيال الشابة. نشأت مجموعة الشباب السعودي من أجل الاستدامة لتمكيننا وتمكين جميع الشباب والشابات في المملكة من العمل معاً نحو الأفضل.
كيف تسهم مجموعة الشباب السعودي من أجل الاستدامة في تحقيق الاستدامة البيئية؟
نحن، في مجموعة الشباب السعودي من أجل الاستدامة، نطمح إلى توحيد أعمال الشباب والشابات من أجل العيش في وئام مع أمّنا الأرض وتحقيق الازدهار والاستدامة.
ونعمل على تنفيذ أربع مهامّ:
- نثر بذور لإنشاء مجموعات طلابية معنية بالاستدامة في الجامعات السعودية وإتاحة التغيير من القاعدة إلى القمة.
- تعزيز التشبيك الوطني والدولي بين الشباب والشابات ممّن يصنعون التغيير في المملكة العربية السعودية لتوسيع نطاق الحلول المستدامة.
- تعزيز تبادل المعرفة بشأن التنمية المستدامة وأهدافها.
- تطوير ونشر أفضل الممارسات للمبادرات الشبابية المتعلقة بالاستدامة.
تسهم مجموعة الشباب السعودي من أجل الاستدامة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة التالية:
ونأمل أن ندعم الجهود المبذولة في المملكة العربية السعودية في مجال الاستدامة البيئية عبر طرق مختلفة:
- بناء مركز على الإنترنت للمشاركة وتبادل المعرفة بشأن مبادرات الاستدامة.
- بذل جهود مشتركة لإيجاد حلول مستدامة في حرم الجامعات والمجتمعات المجاورة.
- تنظيم فعاليات ومبادرات تعاونية لتحفيز المشاركة في قضايا الاستدامة (مثل سلسلة الندوات عن الاستدامة، وورش عمل عن إعادة التدوير، وأسبوع التوعية والجولات).
- استضافة تجمّع سنوي لمجموعات الاستدامة التي يقودها شباب وشابات من أجل تمكينهم وتثقيفهم والاحتفاء بإنجازاتهم.
ما هي أولوياتكم للفترة المتبقية من هذا العام؟
تسليط الضوء على تجربة رائدة خلال المؤتمر السنوي الافتتاحي لمجموعة الشباب السعودي من أجل الاستدامة في 19 و20 يونيو 2022 في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في ثول، المملكة العربية السعودية. وموضوع المؤتمر السنوي لهذا العام هو "الازدهار معاً"، حيث نحلّل كيف يمكن للشباب والشابات السعوديين أن يساهموا في تحقيق رؤية 2030 وأهداف التنمية المستدامة من خلال المناصرة والتعليم والتكنولوجيا. وسنواصل تنفيذ برنامج القيادة ونشجّع على إنشاء المزيد من الأندية الشبابية في الجامعات السعودية.
ما هي النصيحة التي تسدينها لروّاد الأعمال الاجتماعية لتحقيق نجاح دائم ومؤثّر؟
أنصحهم بأن يطرحوا دوماً هذه الأسئلة الثلاثة: هل المشروع قابل للاستمرار من الناحية الاقتصادية؟ هل هو منصف من الناحية الاجتماعية؟ هل هو ملائم من الناحية البيئية؟