بيان لمدير مكتب اليونسكو الإقليمي لدول الخليج واليمن، سعادة السيد صلاح خالد، بمناسبة اليوم العالمي للغة الأم 2024
٢١ فبراير ٢٠٢٤
تمت الموافقة على اليوم العالمي للغة الأم خلال المؤتمر العام لليونسكو عام 1999 بمبادرة من بنغلاديش.
ومنذ ذلك الحين، يتم الاحتفال بهذا اليوم عالميًا، مما يوحد الناس في التزامهم المشترك بالحفاظ على التنوع اللغوي والتراث الثقافي. إنه يوم للاحتفال بالتنوع اللغوي في جميع أنحاء العالم، والاعتراف بأن كل لغة من لغات العالم تمثل كنزًا ثمينًا فاللغات هي الأدوات الأقوى التي تحفظ وتطور تراث الشعوب، لأن اللغة هي الوعاء الذي ينقل ميراث الشعوب وتقاليدها وعاداتها، وتعبر من خلالها عن هويتها. لذا وجب لفت الانتباه إلى دور اللغات في نقل المعرفة، وتعزيز التعدد اللغوي والثقافي. ويمثل الاحتفاء بهذا اليوم تذكير بأن الحقوق اللغوية هي جزء من حقوق الإنسان، وأنه يجب علينا أن نسعى جاهدين لحماية وتعزيز لغات جميع الشعوب، وخاصة تلك المهددة بالانقراض أو المهمشة.
واليوم، لا يحصل 40% من سكان العالم على التعليم باللغة التي يتحدثون بها أو يفهمونها. وفي بعض البلدان يرتفع هذا الرقم إلى أكثر من 90%. ومع ذلك، تُحقّقُ خطوات مهمّة في مجال التعليم المتعدد اللغات، وخاصة في مرحلة التعليم المبكر. وتظهر الأبحاث أن استخدام لغة المتعلمين في المدارس يوفر أساسًا متينًا للتعلم، ويعزز احترام الذات ومهارات التفكير النقدي، ويفتح الباب أمام التعلم بين الأجيال، وتنشيط اللغة، والحفاظ على الثقافة والتراث غير المادي.
إن موضوع الاحتفال هذا العام هو "التعليم متعدد الألسن بوصفه أحد ركائز التعليم والتعلم بين الأجيال". حيث ترى منظمة اليونسكو أن برامج ومنهجيات محو الأمية تستجيب لاحتياجات المتعلمين عندما تكون ذات صلة بالسياق، وربما متعددة اللغات والألسن وتدعم التفاهم بين الثقافات في إطار التعلم مدى الحياة. وتحرص منظمة اليونسكو على تعزيز التعددية اللغوية، أي استخدام أكثر من لغة واحدة في الحياة اليومية، خاصة في السياقات التي توجد فيها مجموعات لغوية مختلفة في نفس البلد. ويلعب التعليم المتعدد اللغات القائم على اللغة (اللغات) الأم في السنوات الأولى من الدراسة دورا رئيسًا في الانتقال من المنزل إلى المدرسة ويعزز احترام التنوع.
ويمتد التعليم المتعدد الألسن أيضاً إلى الأسر والمجتمعات. ومن خلال الحفاظ على اللغات وتنشيطها، فإننا نسد الفجوات بين الأجيال ونضمن انتقال التراث الثقافي وحماية الهوية الثقافية. كما أنه مع تعلم الطلاب بلغتهم الأم، من المرجح أن يشارك الآباء والأسر في تعلّم أطفالهم.
إن منظمة اليونسكو تدرك أهمية التنوع الثقافي واللغوي لبناء مجتمعات مستدامة. فلغات العالم كقنوات لنقل المعارف والثقافات التقليدية والحفاظ عليها؛ وهي مُعزز جوهري للتسامح والاحترام والتفاهم بين المجتمعات المتنوعة.
فلنحتفل معًا بتنوعنا وتراثنا اللغوي؛ فكل لغة تساهم في النسيج الإنساني الغني. ومن خلال الحفاظ على اللغات، وتعزيز التعليم المتعدد الألسن، فإننا نبني الجسور بين الأجيال والناس، ونضمن تراثنا الثقافي، ونحقق أحد الأهداف الرئيسية للتربية والتعليم، وهو تعلم كيفية العيش معًا.